التقويم البنائي الأساسي للتركيب
ثائر شاكر الاطرقجي/ خطاط وباحث
التكوين
من الخصائص المهمة والبارزة في خط الثلث . إذ أعطته القابلية الواسعة في
التشكيل والتنوع والإبداع . أما التركيب فيعرف على انه تراكب الحروف او
الكلمات بعضها فوق بعض أو تداخلها وتشابكها من اجل الوصول إلى ما يسمى (
بالنقوش الكتابية ) .
كما إن خاصية تعدد أشكال رسم الحرف الواحد يسرت حل إشكاليات التنظيم
الشكلي للحروف والكلمات لاستحداث هيئات خطية تتقبل التراكب وتوظيفها ( وفق
أسس التصميم التي ينتج بالتالي علاقات تربط بين تلك الخصائص فيما بينها
واستحداث هيئات خطية مبتكرة ) .
لذا عد التركيب مرحلة متقدمة في مسيرة خط الثلث وإضافة صفة جديدة له .
وتصنف التراكيب في خط الثلث كل حسب وظيفتها . منها لأغراض جمالية والأخر
وظيفية والجانب الثالث جمالية ووظيفية . مهمتها في كل هذه الجوانب إيصال
المعلومات والمعارف للمتلقي . ومن هذه التراكيب :
تركيب السطر الكتابي – نظام السطر المدمج
والذي يتمثل بتنظيم الكلمات والمقاطع على سطر الكتابة بمستو واحد . مع
وجود كلمة أو كلمتين تطفو فوق سطر الكتابة الرئيس دون أن تشكل خطاً أو
مستو ثان فوق المستوى الأول .
ويستخدم هذا النظام في المعالجة الشكلية للنص الكتابي من اجل المحافظة على
تحقيق التوازن الشكلي واستيفاء توزيع الكلمات والكتل بشكل تحقيق الانسجام
والتناسق مع الفضاءات الحاصلة بين حروف خط الثلث . ويبرز هذا النظام في
واجهة العمائر العربية الإسلامية من خلال ظهوره بشكل أشرطة كتابية تتخللها
وحدات زخرفية لإضفاء طابع جمالي ووظيفي .
تأسيسا لذلك وتوضيحا لما ذكرنا نأخذ عينة نصها ( إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة ) .
على شكل شريط كتابي ذو هيئة مستطيلة تبدأ قراءته من الجانب الأيمن للشكل
المتاسس وفق نظام السطر المدموج بخطين وهميين ذي مسار أفقي بشكل متوازن
يستند احدهما على الآخر في عملية توزيع المفردات الخطية من أحرف وكلمات
وعلامات إعرابية بشكل متناسق ومتوازن .
وظف الخطاط مسارا جديدا في عملية تقويم البناء الأساسي للتركيب ويتضح ذلك
من خلال إخراج بنية تركيبية خطية مستندة في بناء كلماتها على ذاتها في
توزيع ثقلها . وذلك باستثمار خاصية تنصيل حرف السين بمدة مستحسنة من كلمة
( الحسين ) وارتكاز كلمة ( مصباح ) عليها .
وعمل الخطاط على توظيف خاصية تنوع هيئة الحرف الواحد من خلال إخراج حرف (
الحاء ) المرسل من كلمة ( مصباح ) والجيم المجموع من كلمة ( النجاة )
بهيئة ملفوفة في وسط الكلمة بطريقة فنية ومقصودة , وذلك لربط الكلمات التي
تستند على خط القاعدة بخط وهمي ثان على جانب الشريط مما أدى إلى الإيحاء
بوجود مستوى ثان للكتابة يوازي المستوى الأول وترتكز عليه بعض المقاطع (
مصبا , الياء الراجعة , النـ , التاء المربوطة ) . ومن جهة أخرى استثمر
الخطاط صفات الحروف المنتصبة والمنكبة والمستلقية في عملية ربط الخط
الوهمي المزدوج ( أ ) بخط القاعدة ( ب ) الرئيس لتكوين وحدة إنشائية
متناسبة قائمة على أساس انتظام الحروف وضبط تركيبها واستغلال حركة تدويرها
وانحنائها واستلقائها بطريقة يمكنها أن تتوالف مع الحروف المنتصبة الصاعدة
( كالألفات واللامات ) المتوزعة بشكل متساو على سطر الخط الوهمي وبارتفاع
واحد لتحقيق المحيط الكفافي العلوي وربط مفردات الشكل ابتداء من خط
القاعدة عبر الحروف والخط الوهمي وصولا إلى قمة التركيب بصورة متساوية .
ويتضح ذلك عندما نرسم خطا مستقيما يمر بنهاية رؤوس حروف ( الألف واللام )
نلاحظ تم ارتفاعها بنسق واحد .
ويمكن ملاحظة براعة الخطاط وتوفيقه في تساوي الحروف المنتصبة نسبيا وإشباع قاماتها من صدر القلم حتى يتساوى به .
نستخلص مما سبق
خاصية نظام السطر الكتابي المدمج وعن كيفية طريقة إخراجه في بنية خطية
متراكبة تستند على تراكب الحروف الملفوفة للكلمة الواحدة في بناء ذاتها من
دون الإخلال بتصميم الحرف وشكله الجمالي والوظيفي الذي يضفي سهولة
المقروئية والوضوح في عملية التركيب , فحرص الخطاط بتحقيق المحيط الكفافي
الأسفل للتركيب عبر كاسات حرف ( النون ) ولفة حرف ( الدال ) فضلا عن
معالجة للفضاءات الداخلية بعلامات التشكيل ولاسيما الفضاءات للجانب العلوي
فوق كلمتي ( مصباح ) و ( النجاة ) وبقية حروف التركيب , وذلك بغية تحقيق
المحيط الكفافي الأعلى للتركيب وبالتالي يعطي ناتج الإغلاق الشكلي التام
الموحي للشكل المستطيل . فضلا عن ذلك تركيز الخطاط على توظيف علاقة التنوع
لتحقيق التوازن الشكلي في البناء التركيبي للشكل .