بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة للحديث عن طابع الحسن وهو النقطة التي توضع أسفل الدال واللام
فالحديث عنها يطول بعض الشيء
وسأبدأ بعون الله بسرد الموضوع بأكمله
فأقول مستعينا بالله
كانت كتابة الحروف العربية الثمانية وعشرين في بادئ الأمر جميعها مهملة بغير نقاط إعجام
وكان القارئ يميز عند القراءة بينها دون صعوبة لشدة ذكائهم وسليقتهم العربية
ثم لما انتشر الاسلام ودخل الأعاجم في دين الله وخشية من اللحن والتحريف والتصحيف
ميزوا الحروف المتشابهة في الصورة بنقاط الإعجام
فأعجموا 14 حرفا هي
( ب ت ث ج خ ذ ز ش ض ظ غ ف ق ن ) بالإضافة لحرف الياء في بداية ووسط الكلمة
وتركوا الباقي مهملا بغير إعجام وهي :
( ا ح د ر س ص ط ع ك ل م هـ و ) ويضاف إليها الياء الأخيرة
حيث اتفق المشارقة والمغاربة قديما على اهمال تنقيطها إذا تطرفت سواء قرئت ألفا مقصورة أو ياءا
وأما المتبع حاليا في بعض الدول من وجوب تنقيط الياء المتطرفة إذا لم تقرأ ألفا مقصورة فهو خلاف ما عليه اجماع المتقدمين من علماء الرسم المشارقة والمغاربة وليست هي بموضوعنا الذي نريد الحديث عنه
وعلى هذا فإنه باعجام بعض الحروف تميزت عن مثيلاتها وزال عنها الاشتباه واللبس
ولكن ظلت هناك إشكالية
فالناس( سواء الكاتب منهم أو القارئ ) حديثو عهد بالرسم الأول الذي كان يهمل جميع الحروف
فلربما نسي الكاتب أو الناسخ أثناء الكتابة تنقيط ما حقه الإعجام من باب الغفلة أو جريا على عادته القديمة في الكتابة
وأيضا لربما يغفل القارئ فينقط في قرائته ما حقه الإهمال جريا على عادته الأولى في القراءة
خاصة وأن هناك في اللغة كلمات تقرأ بالإعجام والإهمال ولا يتغير معناها
مثل لفظة المضمضة والمصمصة
أو كلمة تشميت العاطس وتسميت العاطس .... .وغيرها.
لذلك عمد أهل الحديث إلى وضع إشارات للحروف المهملة إمعانا منهم في إرشاد القارئ أن هذه الحروف مهملة
فلا يخطئ في قرائتها أو يظن انها مكتوبة قبل زمن الإعجام وتنبيها له لو كان الحرف حقه الإعجام ونسي الكاتب إعجامه
وذلك صونا للألسنة من اللحن والتصحيف في قراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اللحن فيه وقد سار الكتاب والخطاطون على نهج أهل الحديث في تمييز الحروف المهملة وصارت سنة متبعة في الكتابة قرونا عديدة
وقد كانت طريقتهم في تمييز الحروف المهملة كالتالي :
القسم الأول : حروف العلة ( الألف والواو والياء ) أبقوه على إهماله
واستعملوا الألف الصغيرة ( تشبه رقم 1 ) بدلا من ألف المد المحذوف( كتبوه بين الحرفين مكان المد)
أو نيابة عن الفتحة وكتبوه ( فوق الحرف )
أو نيابة عن الكسرة ( وكتبوه أسفل الحرف )
القسم الثاني : ويشمل حروف ( ح ص ط ع ك م هـ )وقد رسموا حروفا صغيرة أسفل كل منها للدلالة على أنها مهملة ( ما عدا الهاء فإنهم رسموا الهاء الصغيرة فوق الأصلية وليس تحتها )
القسم الثالث : ويشمل حرفي ( الدال واللام ) وقد رسموا لهما نقطة من أسفل ( طابع الحسن )ورسموها في الغالب مدورة وكانوا أحيانا يرسمونها مربعة فيجوز في رسمها الوجهان
وقد وضع محمد بن الحسن الطيبي نقطة مدورة تحت اللام الثانية من لفظ الجلالة في كتابه جامع محاسن كتابة الكتاب ونزهة أولي الأبصار والألباب سنة 908 هـ
القسم الرابع : ويشمل حرفي (الراء والسين ) وقد وضعوا لهما حلية من فوق كالهلال أو الفاصلة ( تسمى ظفر) أو حلية على شكل رقم 7 ( تسمى ميزان )
وهذا موجود في خط ابن البواب في ديوان شعر
سلامة بن جندل حيث وضع في الخط الريحاني حلية الظفر فوق الراء والسين ووضع حلية الميزان عليهما في خطي الثلث والتوقيع
وأيضا في المصحف الذي كتبه ابن البواب كان يضع تحت السين ثلاث نقاط متتابعات زيادة على الظفر
وأيضا في مصحف البيهقي المكتوب سنة 599 هـ في عنوان سورة المؤمنون نجد أسفل السين ثلاث نقاط وميزانا فوقها ونجد فوق الراء حلية الظفر
وقد شاع وضع الثلاث نقاط أسفل السين للدلالة على إهمالهاعلى نحو ما هو مشاهد عند الأقدمين في البسملة المكتوبة بالخط الفارسي حيث نجد تحت السين من كلمة بسم ثلاث نقاط
وكان بعض الخطاطين يضع هذه النقاط الثلاث أسفل السين بشكل متتابع وبعضهم يضعها بشكل مثلث
ثم تناول الخطاطون حلية (الميزان ) بالتحسين حيث قاموا بترويس طرفه وكتبوه على ثلاث صور ميزان مجرد وميزان بشظية تشبه راء الرقعة وميزان ثالث وضعوا أسفله ميما مسبلة ( م )
ثم تطور أمر السين بعد ذلك فقاسوها على الصاد فرسموا لها سينا صغيرة من أسفل وتركوا تنقيطها
من أسفل بثلاث فألحقت بحروف القسم الثاني
ثم لم يقتصروا على جعل الظفر والميزان للراء والسين بل توسعوا في استخدامهما كحليات للتزيين وملء الفراغ فوق غيرهما من الحروف واستحدثوا الظفر المقلوب وجعلوه يختص فقط بأسافل الحروف
وعلى هذا فلا أعلم حجة لمن وضع نقطة تحت الكاف أو تحت العين ( محمد شوقي و غيره )
إلا أن يكون لديه من العلم ما لم أطلع عليه
أصل الموضوع منقول من كتاب اللوحات الخطية في الفن الإسلامي ص 111 و ص 112
مع التصرف بالزيادة والشرح لتبسيط الموضوع
والكتاب المذكور تأليف الدكتور/ محمد بن سعيد شريفي
ومن أراد التوسع فعليه بكتاب خطوط المصاحف عند المشارقة والمغاربة من القرن الرابع إلى العاشر الهجري
لنفس المؤلف ( د / محمد بن سعيد شريفي)[center]