الخطاطون المصريون يمزجون التراث والحداثة في لوحات فنية
رضا رشدي
الجالية المصرية من أكثر الجاليات العربية وجودا في الكويت، حيث يزيد عددهم عن 450 ألف شخص، يعملون في كافة الوظائف والحرف والمهن من أعلاها إلى أدناها، منهم نفر كثيرون يعملون في مزاولة مهنة كتابة الخط العربي، أكثر من تسعين في المئة من أبناء النيل درس وتخرج في معاهد الخط العربي المصرية، ونال إجازة الخط العربي، وهم إلى جانب دراستهم للخط العربي، نجدهم قد مارسوا العمل في تلك المهنة في مصر، هذا وقد قامت الكويت بالعمل على استقدام المئات منهم للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال وتلك المهنة التي يستمتع بها من يقوم بها على الرغم من مشقاتها ومصاعبها ومتاعبها.
«النهار» التقت مجموعة من خطاطي أرض الكنانة ليحدثونا عن تجربتهم مع الخط العربي سواء كان في مصر أم في الكويت، علاوة على ذلك فإننا نتعرف منهم على بعض الفروق في ممارسة المهنة في مصر وممارستها في الكويت، بالإضافة إلى هذا فإننا سنتعرف منهم على خبايا وأسرار تلك المهنة، وكيف أن الموهبة والدراسة والتدريب الممتزج بالممارسة لها دور في العمل على احتراف الخطاط تلك المهنة، وإذا تجمعت تلك الأشياء بالخطاط فإنه سيصبح محترفا، إلى جانب ذلك فإنهم سيحدثونا عن متاعب ومشكلات مهنة الخطاط ونظام العمل بها وأهم مواسم نشاط تلك المهنة، كل ذلك سنتعرف عليه من خلال التحقيق التالي:
ممارسة المهنة
في البداية التقت «النهار» عبدالحميد أمين أحد أقدم وأشهر الخطاطين المصريين في منطقة الجهراء حيث قال: مهنة الخطاط من المهن الصعبة المرهقة والتي تحتاج إلى صبر شديد وقوة تحمل لأن الخطاط يعمل معظم الوقت واقفا كي يستطيع أن يتمكن في عملية الكتابة، كتابة اللوحة أو اللافتة أو أي شيء يكتب فيه الخط العربي.
أعمل خطاطا بالكويت منذ أكثر من 12 عاما وبالتحديد بمنطقة الجهراء في أحد الأسواق التجارية، وأحمد الله سبحانه وتعالى لأنه رزقني من ممارسة العمل في مهنة الخطاط، وأضاف أمين: اكتسبت خبرة كبيرة هنا في الكويت في هذا المجال هذا بالإضافة إلى خبرتي في مصر، وزاد لا يختلف العمل في هذه المهنة كثيرا عنها في الكويت، فالخطاط في مصر يقوم بعمله في مجال تنفيذ وتصميم اللافتات الدعائية والإعلانية وغير ذلك من الأشياء التي تتصل بمهنة الخطاط، هذا من جانب ومن جانب آخر فهناك ينشط العمل فيها ويحقق منها الخطاط دخلا جيدا منها سواء كان في مصر أم في الكويت أم في أي دولة أخرى، ألا وهي مواسم الانتخابات مثل انتخابات مجلس الشعب أو الشورى في مصر أو انتخابات مجلس الأمة أو المجلس البلدي في الكويت، ففيها يحقق الخطاط دخلا جيدا حيث يقوم بالعمل على كتابة الحملات الدعائية الإعلانية للأعضاء المرشحين في تلك المجالس النيابية.
وأكد أمين قائلا يحقق الخطاط دخلا جيدا في الكويت عنها في مصر، نظرا لكثرة الاحتياج إليه بالإضافة إلى أن الطلب عليه كثير، أما في مصر فلم تعد هذه المهنة كما كانت، أقول ذلك من وجهة نظري الخاصة وأضاف: الخطاط في الكويت يستطيع أن يحقق ربحا جيدا في مواسم العمل،علاوة على ذلك فإن عمل الخطاط هنا في الكويت وممارسته مهنته في مجالين أساسيين أولهما في مجال كتابة وتنفيذ وتصميم الوسائل التعليمية، وثانيهما في كتابة وتصميم وتنفيذ اللافتات واللوحات الدعائية والإعلانية، وأعتقد أن هناك تخصصات للخطاطين المصريين في هذين المجالين فهناك بعض الخطاطين يتخصص في أحدهما على الرغم من أنه يستطيع العمل في المحال الآخر، ويرجع ذلك لسبب مهم ألا وهو أن الخطاط الذي يعمل في كتابة الوسائل التعليمية لا يجد مجالا للعمل في تنفيذ اللوحات الدعائية والإعلانية والعكس صحيح فأصبح الأمر كالتخصص، وبالنسبة لي فأنا أعمل في مجال تنفيذ الوسائل التعليمية التي أخذت خبرة كبيرة فيها، فأنا من أقدم الخطاطين العاملين في هذا المجال في منطقة الجهراء، لقد افتتحت محلا للدعاية والإعلان والطباعة والتصوير استطعت أن أطور فيه مهنتي وأن أتوسع في العمل فيها، يعد هذا المحل من أشهر المحلات في منطقة الجهراء التي تعد من أكبر محافظات الكويت، ينشط العمل في تنفيذ الوسائل التعليمية في مواسم المدارس وإذا انتهى موسم المدارس فإن الحركة تقل وتكاد تنعدم ولكن الخطاط يكون قد حقق دخلا جيدا ومعقولا يكفيه في وقت الصيف حيث يقل العمل فيه باستثناء الفصل الدراسي الصيفي الذي تنشط فيه الحركة لمدة شهر واحد تقريبا، ونظرا لأن حركة العمل تكون ضعيفة في الصيف فإن معظم الخطاطين المصريين العاملين في مجال تنفيذ الوسائل التعليمية يسافرون إلى مصر، كما يسافرون أيضا في إجازة نصف العام.
واختتم أمين حينما أمارس العمل في مهنتي أستمتع كثيرا لأنه ليس مجرد أداء عمل فقط، ولكن أشبع فيه هوايتي وموهبتي في الخط العربي، ومن الخبرة الطويلة في هذا، فأنا الآن لدي القدرة على العمل على تصميم وتنفيذ الوسائل التعليمية وتميزت في عمل المجسمات والمشاريع الخاصة بطلبة المدارس والجامعات.
موهبة
ومن جانبه قال أشرف فتحي أحد الخطاطين المصريين في الكويت: مهنة الخط هي مهنتي الأساسية وهي مصدر رزقي سواء كان ذلك في الكويت أم في مصر، لقد درست الخط العربي في أحد معاهد الخط العربي بمصر وبالتحديد في محافظة بني سويف، وبعدما تخرجت في هذا المعهد زاولت المهنة، لدي الموهبة ولكني دعمتها وقويتها بالدراسة وهذا شيء جميل بالنسبة إلى الخطاط لأنه لابد أن يدرس الخط العربي ويتعرف الأنواع المختلفة للخطوط العربية، وطريقة الكتابة لكل نوع من أنواع الخطوط، ولا بد أن يتعلم كيفية ( الإمساك بالقلم ) وذلك لأن لكل خط طريقة في الإمساك بقلم الخط العربي، فلابد أن يحدد الخطاط الزاوية التي يريد بها أن يكتب نوعا معينا من الخطوط، فمثلا إذا أراد الخطاط أن يكتب بخط النسخ فلابد أن تكون زاوية القلم من (70 - 75 ) درجة، أما إذا أراد أن يكتب بخط الرقعة مثلا فيجب أن تكون زاوية الإمساك بالقلم 55 درجة كي تعطي الشكل المميز لخط الرقعة، وهكذا فإن لكل نوع من الخطوط العربية زاوية لإمساك الخطاط بقلم الخط، ولابد أن يكون سن القلم مشطوفا بميل حتى يخرج الخط في شكله الجمالي.
وأضاف أشرف قائلا استأجرت محلا للخطوط في مصر في مجال كتابة اللافتات الدعائية والإعلانية، بالإضافة إلى ذلك فكنت أقوم بتنفيذ جميع أنواع تلك اللافتات سواء كانت ( بانر، نيون، فلكس ) وغيرها من اللافتات الأخرى، وكنت أكتب أيضا على الخام والقماش ولكل نوع من هذه الأشياء طريقته في الكتابة، لقد استفدت خبرة كبيرة من العمل في مصر ولكن الخطاط لم تعد له أهمية كبرى خاصة بعد استخدام الكمبيوتر في تصميم اللافتات الدعائية والإعلانية، فقد أدى استخدام الكمبيوتر إلى تهميش دور الخطاط والتقليل من عمله.
وزاد أشرف كان الكلام السابق عن مزاولتي لمهنتي في مصر وكان ذلك في مجال كتابة اللافتات الإعلانية والدعائية، وحينما سافرت إلى الكويت قابلتني بعض الصعوبات في الأداء المهني لم أمارسها من قبل مثل تنفيذ المجسمات والوسائل والمشاريع التعليمية لطلبة المدارس والجامعات، في الحقيقة لم أعمل في هذا المجال من قبل، ولكن زملائي من الخطاطين القدامى الذين لديهم خبرة في هذا المجال أفادوني كثيرا وساعدوني كثيرا ومع الوقت استطعت أن أنفذ المجسمات وأصممها وأنفذها، وأقوم بعمل المشاريع التعليمية المدرسية والجامعية، واختتم: العمل في هذا المجال يحتاج إلى صبر شديد وقوة تحمل، في موسم العمل تصل ساعات العمل إلى أكثر من 16ساعة كي أستطيع أن أنهي المطلوب مني من طلبات الزبائن من طلبة المدارس والجامعات. حبي للمهنة يجعلني طموحا جدا، حيث إن لدي النية في استئجار محل خاص بي، أستطيع أن أطور فيه من أدائي المهني، هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد ذكر أشرف أن مثله الأعلى في الخط العربي هو الخطاط محمد عبدالقادر وخضير البورسعيدي و حداد وهم من رواد الخط العربي بمصر ويمثلون مدارس مختلفة في مصر ولكل منهم أسلوبهم الخاص وطريقته المميزة في الكتابة.
متاعب
هذا وقد قابلنا علاء السيد أحد الخطاطين الذين لديهم خبرة ليست بالقصيرة في مزاولتها في الكويت وحينما سألناه عن متاعب المهنة ومشقاتها رد قائلا: أعمل خطاطا بالكويت منذ أكثر من ست سنوات في أحد محال الدعاية والإعلان والطباعة والتصوير، أستطيع العمل في مختلف المجالات التي تتطلب كتابة الخط العربي، وأضاف علاء: على الرغم من أنني أستمتع بالعمل في مهنتي كخطاط، إلا أنها مهنة مرهقة ومتعبة وفيها الكثير من المشقات والمصاعب التي تواجه الخطاط منها أن كثرة الوقوف، حيث لا يستطيع أن يؤدي الخطاط عمله إلا واقفا ولا يجلس إلا في أوقات قليلة، وزاد علاء تطور العمل المهني في الخط العربي كثيرا في الكويت، فلم يعد الخطاط يعمل بالطريقة التقليدية، ولكنه الآن أصبح يعتمد في عمله على استخدام الكمبيوتر الذي ساعده كثيرا ووفر عليه الكثير من الجهد والوقت وعلى الرغم من أن استخدام الكمبيوتر في مجال الخط العربي قد جاء بالسلب على عمل الخطاط، إلا أنه لا بد أن نتماشى مع العصر الحديث، ولا بد أن يتقن الخطاط برامج الكمبيوتر الخاصة بعمله مثل برنامج الفوتوشوب وغيرها من البرامج التي من الممكن أن يستعين بها الخطاط في أداء عمله.
واختتم علاء لا بد أن يعتمد الخطاط على ذوقه الفني، وأن يعمل على تناسق الألون والخطوط مع بعضها البعض ليخرج لوحة فنية رائعة، فمهنة الخط قبل أن تكون وظيفة وحرفة إلا أن الخطاط يعتبر فنانا مبدعا في عمله، حينما يبدأ الخطاط في بداية عمله لا بد أن يخطط له، فمثلا لا يتم كتابة اللوحة بطريقة عشوائية، فلا بد أن يتم أخذ مقاسات اللوحة وتحديد عدد الأسطر المخصصة للقطعة التي ستكتب، وكذلك اختيار أكثر من نوع للخط واختيار ألوان متعددة بسيطة بينها تناغم وتناسق، هذا من جهة ومن جهة أخرى فأنا أميل إلى كتابة اللوحة بأكثر من نوع أنواع الخطوط العربية، ويتم اختيار نوع الخط بناء على اختيار على كمية الكلام المراد كتابته، فإذا كانت كمية الكلام كثيرة ومساحة اللوحة ضعيفة، فإنه يفضل استخدام خط الرقعة نظرا لأنه لا يأخذ مساحة كبيرة من اللوحة، علاوة على ذلك فإذا كنت تريد أن تكتب لوحة بها كمية قليلة من الكلمات فمن المفضل أن تستخدم أحد أنواع خطوط النسخ أو الثلث أو الفارسي في كتابة اللوحة نظرا لأنها تأخذ مساحة في الكتابة، أما إذا أراد الخطاط أن يكتب لوحة زخرفية فمن المفضل أن يكتب بأحد نوعي الخط الثلث أو الديواني لأنها خطوط زخرفية يتم فيها استخدام التشكيلات وملء الفراغات بالزخارف والتشكيلات لأن هذين الخطين يعطيان شكلا جماليا زخرفيا، وعلى الرغم من أن هناك مدارس متعددة في الخط العربي إلا أن قواعد الخط واحدة لا بد من التمسك بها، ولكل خطاط ذوقه الخاص في تصميم وكتابة لوحته فالخط فن وإبداع إلى جانب أنه مهنة وحرفة.
ممارسة
وعلى الجانب الآخر قال وليد عبد السلام أهوى الخط العربي، وأحب كتابته كثيرا، لقد تخرجت في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية، كنت أهوى الخط العربي منذ صغري وطفولتي، ونشأت أحب الكتابة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فأنا أيضا لدي موهبة الرسم، هذا من جانب ومن جانب آخر فقد مارست الخط مع كثير من الخطاطين القدامى في الإسكندرية وتعلمت من خبرتهم كثيرا، فأنا من الخطاطين الهواة الذين تعلمت على أيديهم مزاولة مهنة الخط العربي بالممارسة، وأضاف وليد: من الممكن أن يزاول الخطاط مهنة الخط العربي عن طريق التدريب والممارسة فقد احترفت الآن المهنة بالتدريب والممارسة، علاوة على ذلك فليس من السهل أن يتعلم الإنسان الخط العربي إن لم يكن موهوبا، وزاد وليد: لدي موهبة الكتابة بخط جميل منذ صغري، كما أن لدي موهبة الرسم، أود أن أشير إلى شيء ألا وهو أنه من السهل جدا أن يصبح الرسام خطاطا، ولو لم يدرس الخط، لأنه يمكن بالممارسة والتدريب أن يتعلم الرسام كتابة الخط العربي لأنه يرسم حروف الكتابة، ويكون بارزا في كتابة أنواع الخطوط الحرة والهندسية والكاريكاتيرية، وهذا يميز الرسام عن الخطاط العادي وأكد وليد أن الخطاط إذا كان رساما يكون أفضل من ان يكون خطاطا فقط فإن ذلك يساعده كثيرا في أداء عمله، كما أنه يستطيع تصميم (اللوغوهات) والشعارات.
مشكلات المهنة
من أكثر المشكلات التي تواجه الخطاطين المصريين في محال الدعاية والإعلان أو الطباعة والتصوير هي مشكلات الزبائن وفي ذلك قال يحيى حوطر ليست كل الزبائن متعبة، ولكن البعض منهم ممن يتعامل مع الخطاط معاملة غير لائقة فقد يظن بعض الزبائن أنه حينما يطلب من الخطاط تنفيذ شيء يريد كتابته أنه بمجرد الطلب سوف يجد طلبه جاهزا، وسوف يحصل عليه خلال دقائق، وهذا بالطبع يرجع إلى عدم صبر الزبون على الخطاط حتى ينفذ له طلبه وحتى ينفذ له ما يرغب، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن هناك من الزبائن من لديه هواية في الفصال، وطلب التخفيض في سعر العمل المراد تنفيذه على الرغم من أنه يكون قد اتفق مع الخطاط على السعر ويكون قد دفع المقدم (العربون) بالفعل، وحينما يأتي لاستلام طلبه يلجأ إلى التخفيض والفصال والعمل على خلق المشكلات من أجل التخفيض ويتحجج بأسباب تافهة ويلجأ إلى التقليل من قيمة اللوحة أو العمل المطلوب من الخطاط على الرغم من جودة عمل الخطاط، يحدث ذلك من أجل مجرد الفصال فحسب وبسبب ذلك تحدث مشكلات كثيرة، ومشاجرات، وقد يلجأ الزبون إلى تهديد الخطاط وصاحب المحل.
وأضاف حوطر من المشكلات الأخرى التي نواجهها من الزبائن أنه يطلب طلبات مرهقة جدا من الخطاط كاللوحات المجسمة أو المجسمات أو المشاريع التعليمية ويريدون تنفيذها بالمجان، وعلى الرغم من أن الخطاط يستطيع تنفيذها إلا أن تنفيذها بهذه الطريقة يؤدي به إلى خسارة تعبه وجهده دون فائدة، كما أنه قد يخسر ثمن الخامات التي اشتراها لتنفيذ طلب الزبون.
وزاد حوطر: ومن الأشياء الغريبة والعجيبة الأخرى التي تقابل الخطاط من الزبائن أن الزبون يأتي للخطاط كي يطلب منه تنفيذ شيء معين، ويتم الاتفاق على سعر هذا الطلب المراد تنفيذه، وقد يدفع الزبون العربون (المقدم) أو لا يدفعه، وتجد أن ميعاد تسليم الطلب قد جاء ونفاجأ أن الزبون لم يأت، ويتم الاتصال به، قد يرد أو لا، وينتظر الخطاط وقتا طويلا قد يصل لأسابيع أو أشهر ويعتبر ذلك مؤشرا بأن الزبون لن يأتي أبدا، وزاد حوطر: نتيجة لذلك فإن الخطاط يكون قد خسر ماله وجهده وتعبه دون فائدة، ومن الأشياء العجيبة الأخرى، أننا نجد بعض الزبائن لا يأتي إلى استلام طلبه إلا بعد وقت طويل ونكون قد يئسنا من أنه سيأتي ونفاجأ بعد مرور هذه الفترة الطويلة أن الزبون يأتي فيسعد الخطاط لذلك ويشكر الله على أنه لم يضيع تعبه وجهده هباء.
أصحاب العمل
ومن جانبه قال محمد محمود يعمل خطاطا في أحد محال الدعاية والإعلان: هناك بعض الخطاطين ممن يعملون بنظام العمولة أوالنسبة بمعنى أنه يتقاضى نصف سعر الطلب المراد كتابته أو تنفيذ عمله وصاحب العمل يتقاضى النصف الآخر بعدما يتم تقسيم سعر الخامات على الطرفين، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الخطاط قد يتعامل مع صاحب المحل بنظام الراتب المستديم وأضاف محمود: كلا النظامين (نظام الراتب، ونظام العمولة) له سلبياته وإيجابياته بالنسبة للخطاط، بالنسبة لنظام الراتب، قد يقوم صاحب العمل بإعطائه راتبا ضعيفا، لا يتناسب مع المجهود الكبير الذي يبذله الخطاط في عمله، أما النظام الآخر وهو تقاضي الخطاط أجره بالعمولة التي تصل إلى خمسين بالمئة من سعر العمل المراد تنفيذه بينه وبين صاحب المحل له مزايا منها أنه يحقق دخلا جيدا، ومن سلبياته أن الخطاط يكون دخله ضعيفاً للغاية في الأيام التي تقل فيها حركة العمل ويكون ذلك خلال الفترة الصيفية، هناك البعض من أصحاب العمل ممن يقومون بالعمل على تأخير إعطاء الخطاط حقه المالي، وهناك من يلجأ إلى عدم إعطائه نهائيا وينهب حقه، وهناك منهم من يقوم بإعطاء الخطاط حقه بمجرد أن يأتي الزبون ويدفع ثمن الطلب المطلوب كتابته أو تنفيذه أو تصميمه.
تميز أبناء النيل
وفي النهاية يوضح لنا مصباح عيسوي أن مهنة الخطاط من المهن المرهقة، وإن المصريين هم أشهر من يعمل بها، حيث يوجد بالكويت مئات الخطاطين ممن يعملون في تنفيذ مختلف الأعمال الخاصة بكتابة الخط العربي، وأضاف عيسوي: على الرغم من وجود بعض الخطاطين من الجنسيات الأخرى إلا أن الخطاطين المصريين تميزوا عنهم وتفوقوا عليهم، وزاد: لا أبالغ في هذا الكلام فهذه حقيقة واضحة للعيان، فالمصريون مهنيون محترفون في مزاولة مهنة الخط العربي نظرا لأن لديهم الصبر والعزيمة على تحمل مشقات ومصاعب تلك المهنة، وبالنسبة للكويت فيوجد بها خطاطون هواة ليسوا مهنيين فهم يزاولون كتابة الخط العربي من أجل الاستمتاع بكتابة الخط العربي كفاً وإبداعاً ومن أجل ذلك يحرص بعض الكويتيين على الالتحاق بمراكز التدريب لأخذ دورات في كتابة الخط العربي.