دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة
فاتحا وجاء حَكيمُ بن حزام وبُدَيْلُ بن ورقاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران فأسلما وبايعاه، فلما بايعاه بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه إلى قريش يَدْعُوَانهم إلى الإسلام. ولما خرج حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء من عند النبي صلى الله عليه وسلم عامدين إلى مكة بعث في إثرهما الزبير وأعطاه رايته وأمَّره على خيل المهاجرين والأنصار، وأمره أن يركز رايته بأعلى مكة بالحُجُون، وقال: لا تبرح حيث أمرتك أن تركز رايتي حتى آتيَك، ومن ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وضربت هناك قبته، وأمر خالد بن الوليد فيمن أسلم من قضاعة وبني سليم أن يدخل من أسفل مكة وبها بنو بكر قد استنفرتهم قريش وبنو الحارث بن عبد مناف ومن كان من الأحابيش، أمرتهم قريش أن يكونوا بأسفل مكة، وإن صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، وكانوا قد جمعوا أناسًا بالخَنْدَمَة ليقاتلوا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لخالد والزبير حين بعثهما: لا تقاتلا إلا من قاتلكم، وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كدي، فقال سعد حين توجه داخلا اليوم يوم المَلْحَمة، اليوم تُسْتَحَلُّ الحرمةُ، فسمعها رجل من المهاجرين فقال: يا رسول الله، اسمع ما قال سعد بن عبادة، وما نأمن أن يكون له في قريش صولة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: أدركه فخذ الراية منه، فكن أنت الذي تدخل بها، فلم يكن بأعلى مكة منْ قِبَل الزبير قتال، وأما خالد بن الوليد فقدم على قريش وبني بكر والأحابيش بأسفل مكة، فقاتلهم فهزمهم الله، ولم يكن بمكة قتال غير ذلك. وقتل من المشركين قريب من اثني عشر أو ثلاثة عشر، ولم يقتل من المسلمين إلا رجل من جهينة يقال له: سلمة بن الميلاء، من خيل خالد بن الوليد، ورجلان يقال لهما: كُرْزُ بن جابر وخُنَيْس بن خالد، كانا في خيل خالد بن الوليد، فشذا عنه وسلكا طريقًا غير طريقه، فقتلا جميعا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة أن لا يقاتلوا أحدًا إلا من قاتلهم، إلا أنه قد عهد في نفرٍ سماهم أمر بقتلهم، وإن وُجدوا تحت أستار الكعبة. منهم: عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وإنما أمر بقتله لأنه كان قد أسلم فارتد مشركًا، ففر إلى عثمان، وكان أخاه من الرضاعة، فغيَّبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن أهل مكة، فاستأمن له. وكان منهم عكرمة بن أبي جهل، فهرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أُمُّ حكيم بنت الحارث بن هشام، فاستأمنَتْ له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه، فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم.