السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال لم ينشر "نهر الكوثر"
"إنا اعطيناك الكوثر" هذا خطاب من الله لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام وهو أيضا خطاب من خلاله لنا جميعا والكوثر هي صيغة المبالغة التي هي فوق الكثير والأكثر.
فهناك الكثير ثم الأكثر ثم الكوثر وهي الغاية من الكثرة من العطايا والمنح والمواهب والنعم التي افاضها الله علي الانسان الكامل والتي هي في ذات الوقت امكانية باطنة في كل انسان يستحقها وراثة عن الكامل اذا سار علي قدمه.. والأيه لها معاني متعددة بالنظر الي الكمال الجسدي والكمال النفسي والكمال الروحي الذي هو امكانية متاحة لكل انسان اذا اجتهد في نواله.. واذا نظرنا إلي الجسد والي البناء المادي للأنسان ماذا نري.. نري الخالق قد اعطي الانسان اكثر من سبعة اضعاف احتياجاته فهو قد اعطاه رئتين مع ان بامكانه ان يعيش بربع رئه واحدة واعطاه كليتين مع ان بامكانه ان يعيش بأقل من ثلث كلية واحدة واعطاه كبدا ولو تليف سبعة أجزاء من ثمانية من هذا الكبد لاستطاع ان يعيش بالباقي.. اما الجلد فقد أودع الله فيه امكانية التجدد إلي ما لا نهاية...
اما الدم فقد أودع فيه امكانية التجدد بمعدل ستين مليونا من الخلايا في الساعة.. وقد جاءتنا الأنباء الطبيه أخيرا بأن الإنسان يستطيع أن يعيش بخمسة في المائة فقط من مادة مخه وهذا هو ما يحدث بالعقل في الحالات التي تعيش من مرضي التمدد المائي لغرف الدفاع فاحيانا يضغط هذا التمدد المائي علي المخ فيتلف95% من مادته ولا ينبغي للمريض الا5% من مخه وبذلك يعيش المريض ويتفوق في عمله ودراسته وتلك معجزة.. ويقول علماء النفس والاعصاب اننا نستخدم عشرة في المائة فقط من امكانيات جهازنا العصبي.. والكلام خطير.. والسؤال الذي يترتب عليه.. ماذا يمكن ان يصبح الانسان لو استخدم طاقات جهازة العصبي كلها انه سوف يصبح عملاقا في مواهبة وقدراته الفكرية والعصبية وهذا بالفعل هو ما نري جانبا منه في بهلوان السيرك.. وما يستطيع أن يفعله بيديه ورجليه.. وأحيانا بأسنانه التي يجر بها اتوبيسا وهي مجرد امثلة علي طاقات مادية كامنة امكن تدريبها.. وفي عقولنا طاقات اخري كامنة اخطر بكثير من هذه الطاقات التي دربها بهلوان السيرك.. وما نقرره عن وسطاء يستطيعون تحريك عقارب الساعه دون لمسها او ثني قضيب من الحديد بمجرد تركيز الإدارة عليه أو قراءة الخواطر علي البعد..
وما نعلمه من غرائب التنويم المغنطيسي.. وما بلغنا من كرامات أهل الشفافيه والصلاح من الأولياء.. كلها مجرد أمثلة أخري لطاقات كامنة في عقولنا ونفسونا فلا غرابة اذا قيل لنا ان محمدا عليه الصلاة والسلام وهو الانسان الكامل كانت لديه القدرة علي الاتصال بالملاك جبريل وانه كان يتلقي عن ربه وحيا وانه اسري به جسدا وروحا الي بيت المقدس وعرج به الي السموات العلا حتي بلغ سدرة المنتهي واشرف علي قاب قوسين من لقاء ربه فذلك أمر لا يستغرب علي من بلغ الغاية من الكمالات الذاتية فكان الرجل الامين والصديق الوفي والمعامل الشجاع والقاضي العادل والمتكلم البليغ والزوج المحب والأب الحنون والأنسان القدرة والقائد الحكيم والنبي صاحب الدعوة.. وأثني عليه ربه قائلا.. وانك لعلي خلق عظيم..
فأي غرابة في أن يكون هو النموذج والمثال وصاحب الكوثر بالفعل.. وبقدر نصيب المثال والنموذج وبقدر خطه يكون خط كل منا اذا اجتهد في تكميل ذاته وكل منا وارث بقدر اجتهاده.. ألم يقل لنا العلم الثابت انه الواحد منا يعيش بعشرة في المائة من مواهبة وملكاته وان تسعين في المائة من هذه الملكات معطل او كامن او غير مكتشف لقد نقل الذي عنده علم من الكتاب عرش بلقيس من اليمن إلي فلسطين في طرفة عين واستطاع سليمان أن يكلم النمل والطير وان يستمع إلي تسبيح الجبال وأولي الطلسم الذي يحكم به مملكة الجن ويسخر به مردة الشياطين كما اوتي ذو القرنين الاسباب التي يفتح بها مشارق الأرض ومغاربها كما اعطي عيسي القدرة علي احياء الموتي وعلي شفاء العمي والبكم والصم..
وذلك بعض الكوثر وبعض الكامن من المواهب والاستعدات في الانسان الكامل الذي خلقه الله في احسن تقويم ونفخ فيه من روحه فاصبح قابلا لما لانهاية من الفيضات الربانية.. الا يعطينا هذا الامل في ان نصبح شيئا يوما ما.. فنحن من شجرة آدم وعيسي وموسي ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه تجري فينا وشائج القربي وفينا جميعا نفخ الله من روحه.. وانما الكثرة بنا هي التي قضت علي نفسها بالحرمان ما اسدلت علي عيونها من حجب البعد والغفلة وظلام الخطايا والذنوب وركام الكبر والشرك والكفر ورغم كل ذلك لم يغلق الله باب المغفرة ولم يسد باب الرحمة وانما فتح لنا نوافذ التوبة علي مصاريعها حتي غرغرة الموت.. الا يحرك فينا هذا الكرم.. الحب الذي ليس كمثله حب لنشمر السواعد ونعمل ونجتهد ليكون لنا الحظ في ميراث الكوثر.. بل البعض القليل من هذا الكوثر.. بل قطرة واحدة من نهر الكوثر.. وإن نهر الكوثر ليجري فينا.. اقرب الينا من حبل الوريد وانه ليس عننا ببعيد.